بلال بن رباح
بلال بن رباح
بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، كان من السابقين الأولين الذين عُذّبوا في الله، وشهد بدرًا وأحُدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد الذين أظهروا إسلامهم أولا، وكان ممن عذبوا وألبسوا الحديد ووضعوا في الشمس. فقد كان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فيقول وهو في ذلك البلاء: أحد أحد، أحد أحد .
وجعل أمية في عنقه حبلا وأعطاه صبيان مكة فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو لا ينفك يقول: أحد أحد.
وفي( صفة الصفوة) لابن الجوزي، عن عروة بن الزبير، عن أبيه أن ورقة بن نوفل كان يمر ببلال، وهو يعذب فيقول له: أحد أحد يا بلال، ثم أقبل على أمية بن خلف وهو يصنع ذلك ببلال فقال له: والذي نفسي بيده، لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانًا، أي موضع بركة ورحمة فأتمسح به متبركًا.
وذكر في ( سير أعلام النبلاء) أن أبا بكر رضي الله عنه مر ببلال وهو يعذب، فقيل له: اشتر أخاك بلالا،فاشتراه بخمس أواق ذهبًا، وقيل بأربعين أوقية، ثم أعتقه لله، فقالوا لأبي بكر: لو أبيت أن تشتريه إلا بأوقية لبعناكه، فقال رضي الله عنه لو أبيتم إلا مائة أوقية لاشتريته .
مناقبه :
ورد عدة أحاديث في الثناء عليه وذكر فضائله، منها ما رواه أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اشتاقت الجنة إلى ثلاثة علي وعمار وبلال ).
وكان بلال أول من أذن يوم الفتح، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة فاتحا، أمر بلال رضي الله عنه أن يؤذن على ظهر الكعبة فأذن على ظهرها وفي الطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (نعم المرء بلال سيد المؤذنين يوم القيامة )
وكان عمر بن الخطاب يقول (أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا) يعني بلالا رضي الله عنه.
ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم بلال رضي الله عنه على المرابطة في بلاد الشام ، فأذن له فخرج إلى الشام ومكث بها إلى وفاته .
بعض من أخباره
روي أنه كان في الشام رأى في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: ماهذه الجفوة يا بلال، أما ْان لك أن تزورني، فانتبه من نومه حزينا، فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: نشتهي أن نسمع اذانك، فعلا السطح ووقف، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة، فلما أن قال أشهد ان لا إله إلا الله، ازدادت رجتها، فلما قال: أشهد أن محمد رسول الله، خرج العواتق من خدورهن، فما رؤي يوم أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم .
فهذه القصة تدل على أن بلالا قد تبرك وتمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، وتدل على جواز هذا العمل إذ فعله صحابي جليل بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأثنى عليه الثناء الحسن الكثير .
وفاته
كانت وفاته رضي الله عنه في بلاد الشام سنة عشرين للهجرة على قول ابن سعد في طبقاته وكثيرين غيره، وقيل توفي في داريا وحمل منها إلى دمشق ودفن بباب كيسان وقيل بباب الصغير بدمشق .
وذكر الذهبي في سيره أن بلالا رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قال: غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه، فتقول زوجته: واويلاه، فيقول وافرحاه .
رحم الله مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح .
وقد قيل في مدحه :
تقدَّم وَحَيِّ العظيمَ بلالا وقَبِّل لدى قدميهِ الجلالا
وأجرِ الدموعَ بشوقِ مُحِبٍّ وأبدِ الخشوعَ وسَلهُ الوصالا
وردِّدْ أذانَ بلالٍ صبورٍ لهُ في الأنامِ مقامٌ تعالا
لهُ في دمشقَ مقامٌ منيرٌ يحاكي البدورَ سَنًا وجمالا
يَبُثُّ الضياءَ فيَسبيكَ وجدًا ويُهدي إلى القلبِ فيضًا توالى
ألا يا مقامًا حوى شمسَ صَحْبٍ بأمدادِ طه الحبيبِ تلالا
حَوَيتَ عظيمًا جليلاً إمامًا يُزيلُ من القلبِ داءً عُضالا
بلالُ الذي قال: اللهُ أكبرْ وزادَ برغمِ العذابِ امتثالا
عليهِ منَ اللهِ ألفُ سلامٍ ومِنِّي اشتياقٌ يفوقُ الجبالا
يفوقُ البحارَ ورملَ الصحاري بقلبي وأنَّى يطيقُ احتمالا
وللحِبِّ طهَ رفيقي إليهِ نظمتُ عسى أن ننالَ اتصالا
بلال بن رباح
Reviewed by Unknown
on
9:42 ص
Rating: